أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان
من ربات الفصاحة والبلاغة وقوة الحجة وحسن البيان، أفحمت الحجاج بكلامها حينما قدم على الوليد بن عبد الملك، وبينما الوليد في داره، أذن بالدخول إلى «غلالة»، كما أذن بالدخول «للحجاج» .. وبينما هم جلوس، إذ أقبلت غلالة فسارت الوليد، ومضت ثم عادت فسارته ثم انصرفت .. فقال الوليد للحجاج: أتدري ما قالت هذه؟ فقال: لا، قال: بعثتها إلى ابنة عمي أم البنين تقول: ما مجالستك لهذا الأعرابي المتسلح في السلاح، فأرسلت إليها أنه الحجاج فراعها ذلك، وقالت: والله ما أحب أن يخلو بك وقد قتل الخلق فقال الحجاج: يا أمير المؤمنين، دع عنك مفاكهة النساء بزخرف القول، فإنما المرأة ريحانة وليست بقهرمانة فلا تطلعهن على سرك، ولا تطمعهن في غير أنفسهن، ولا تشغلهن بأكثر من زينتهن، وإياك ومشاورتهن فإن رأيهن إلى أفن وعزمهن إلى وهن.
ثم دخل الوليد، على أم البنين وأخبرها بمقالة الحجاج ..
فقالت: يا أمير المؤمنين، أحب أن تأمره غدا بالتسليم علي، فأمره الوليد بذلك، ومضى الحجاج إلى أم البنين فحجبته طويلا ثم أذنت له، فأقرته قائمة ولم تأذن له بالجلوس ثم قالت: إيه يا حجاج .. أما والله لولا أن الله جعلك أهون خلقه ما ابتلاك برمي الكعبة ولا بقتل ابن ذات النطاقين أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة.
قاتل الله الشاعر، وهو ينظر إليك وسنان غزالة الحرورية بين كتفيك حيث يقول:
أسد علي وفي الحروب نعامة ربذاء تفزع من صفير الصافر
هلا برزت إلى غزالة في الوغي بل كان قلبك في جناحي طائر
صدعت غزالة قلبه بفوارس تركت مناظره كأمس الدابر
ثم قالت له : أخرج عني .. فدخل إلى الوليد من فوره وقال له الوليد: ما كنت فيه، فقال : والله يا أمير المؤمنين ما سكتت حتى كان بطن الأرض أحب إلي من ظاهرها. ومن كلام أم البنين: إف للبخل ولو كان قميصا ما لبسته، ولو كان طريقا ما سكلته.
وكانت أم البنين تبعث إلى نسائها فتجتمعن عندها وتقول: أحب حديثكن فإذا أقمت في صلاتي لهوت عنكن ونسيتكن .. وكانت تكسوهن الثياب الحسنة وتعطيهن الدنانير، وتقول: جعل لكل قوم رغبة في شيء وجعلت رغبتي في البذل والإعطاء ... والله للصلة والمواساة أحب إلى من الطعام الطيب على الجوع، ومن الشراب البارد على الظمأ.
ــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: نساء صالحات.
(عدد كلمات المقال: 370 / حجم الصورة: 45.6 كيلوبايت ).
 |
| من هي أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان ؟ |
اكتب تعليقك هنا