أخر الاخبار

ليلة عاصفة

1- المتن:

   كان المساء يقترب على مهل. والمطر يتساقط بغزارة، وريح الشمال تهب بشدة، وهي تصفر خلال المظلات والدكاكين الفارغة، وتعصف بنوافذ .. الفنادق المقفرة.

   وتصفع مويجات النهر، وتحولها إلى زبد أبيض اللون، فيثور رذاذها صافيا على الشاطئ الرملي، وترتفع أعرافها البيضاء عاليا في الفضاء، متلاحقة في انطلاقها إلى المدى المظلم، وهي تقفز باندفاع وتهور بعضها فوق أكتاف بعض. وكأن النهر كان يحس باقتراب الشتاء، فيعدو - في اغتباط وطيش - موليا من أصفاد الجليد وأغلاله، تحملها إليه ريح الشمال في تلك الليلة بالذات.

   وكانت السماء سوداء، تنهمر منها قطرات متلاحقة من المطر، يكاد النظر لا يحيط بها. وكان يضاعف من كآبة الطبيعة المحيطة بي من كل جانب، بعض أشجار الصفصاف المنكسرة المشوهة، وقارب ربط إلى جذوعها، وقد قلبت الرياح عاليه سافله [الملاحظ أن الغربيين يتشاءمون من الأمطار والرياح العاصفية لكثرتها عندهم، ويقول المثل عندهم "بعد المطر الجو الحسن" يعنون بذلك المثل العربي الفرج بعد الشدة لكن العرب يفرحون بها نظرا لحاجتهم إليها وكثرة الجدب عندهم].

   كان القارب الصغير مقلوبا بجوانبه المهشمة، والشجرات البائسة الهرمة، تهش في مهب الريح الباردة. كان كل شيء يحيط بي مقفرا قاحلا ميتا. والسماء تسح دموعا لا تنضب، كان كل ما يحيط بي يأسا وكآبة ..

2- الشرح:

   الزبد: ما يعلو الماء من الرغوة / الرذاذ: المطر الضعيف، والمقصود هنا ما يتناثر من قطرات الماء الضعيفة / التهور: الاندفاع بدون مبالاة / تسح دموعا: أي ترسل مطرا متتابعا غزيرا / قبع الرجل: أدخل رأسه في ثوبه.




تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -