أخر الاخبار

قصة نبي الله موسى بن عمران عليه السلام

 موسى بن عمران صلى الله عليه وسلم

ولد نبي الله موسى بأرض مصر في زمن الفرعون الرابع الوليد بن مصعب بن معاوية، وكان عظيم الجسم جباراً في الأرض.

رأى فرعون في منامه أن ناراً جاءت من ناحية بيت المقدس، فأحرقت جميع بيوت أهل مصر والقبط ولم تصب بني إسـ.ـرائيل بأي سوء، فلما استيقظ من نومه أمر بجمع الكهنة وسألهم عن تفسير ذلك الذي رأى في منامه، فقالوا: هذا غلام يولد من بني إسـ.ـرائيل، يكون سببا في هلاك أهل مصر.

خاف فرعون أن يذهب ملكه بسبب هذا الغلام فأمر بقتل جميع غلمان بني إسـ.ـرائيل، وولدت أم موسى طفلها في هذا الوقت الشديد على بني إسـ.ـرائيل، فماذا تفعل هذه الأم المسكينة؟

فكرت أم موسى وفكرت ورأت أن السبيل الوحيد لنجاة ولدها أن تخفيه عن عيون رجال فرعون وبقي موسى زماناً طويلا لا يعرف عنه أحد شيئاً، وخافت أم موسى أن يعرف الناس سرها ويقـ.ـتل رجال فرعون ولدها فألهمها الله أن تصنع له تابوتا وتضعه فيه، ثم تلقي هذا التابوت في البحر، وألا تخاف ولا تحزن، لأن الله سيرد إليها ولدها وسيجعله رسولا ينقذ بني إسـ.ـرائيل من ظلم فرعون.

ومر التابوت في البحر بجوار بيت الفرعون فرأته الجواري فأخذنه وخافت كل واحدة أن تفتح هذا التابوت، فأسرعت إلى "آسية" امرأة الفرعون التي فتحت التابوت لترى ما فيه، فلما رأت وجه موسى المملوء بنور النبوة أحبته حبا شديداً.

وجاء الفرعون فرأى موسى بين يديها، فسألها: ما هذا؟ وأمر رجاله بذبحه، فدافعت عنه "آسية"، وقالت له: { قرة عينٍ لي ولك} [القصص :9] عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً لأنهما كانا عقيمين لا يولد لهما.

وأمرت أم موسى أخته أن تنظر ما حدث لأخيها، فنظرت إليه من مكان بعيد وهو في بيت الفرعون، ورأت المرضعات تعرض عليه الرضاع فيرفض موسى، فالت حينئد: {هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه، لكم وهم له ناصحون} [القصص :12].

ذهب رجال فرعون مع أخت موسى إلى منزلها، فأخذته أمه، فلما وضعت ثديها في فمه أخذ يرضع منه، ففرحوا بذلك فرحا شديداً وأخبروا "آسية" بما رأوا، فأمرت بإحضار أم موسى وعرضت عليها أن تقيم عندها، فرفضت أم موسى وقالت: إن لي زوجاً وأولاداً ولا أستطيع أن أتركهم وأقيم معك، فأعطتها موسى وأمرت لها بمال كثير، وقد جمع الله بين أم موسى وولدها كما وعدها سبحانه: {إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين} [القصص : 8].

تربي موسى في بيت الفرعون، ولكنه كانت تجمعه ببني إسـ.ـرائيل القرابة، ولذلك كان يكره معاملة أهل مصر لأبناء جنسه، وكان يدافع عنهم دفاعاً شديداً.

دخل موسى يوماً المدينة التي يسكنها الفرعون وكان ذلك في وقت القيلولة فوجد رجلاً من أهل مصر يضرب رجلاً من بني إسـ.ـرائيل، فناداه الإسـ.ـرائيلي لكي يخلصه من ظلم المصري، فأسرع موسى نحو المصري فضربه فمات المصري ولم يعلم هذا الأمر سوى الإسـ.ـرائيلي.

وفي اليوم الثاني تقاتل الإسـ.ـرائيلي مع رجل آخر من أهل مصر، فنادى موسى لكي يخلصه من ظلم المصري، فقال له موسى: { إنك لغوي مبين} [القصص :18] فظن الإسـ.ـرائيلي أن موسى يريد أن يؤذيه، فقال له: { ياموسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس}.

وانتشر بين الناس أن موسى قتل مصريا ووصل الخبر إلى الفرعون وجنده فبحثوا عن موسى كي يقتلوه كما قتل ذلك المصري، وجاء رجل من مكان بعيد بالمدينة وأخبر موسى بما يريده فرعون وجنوده، ونصحه بأن يخرج من مصر، فخرج وهو خائف، وهو يقول: { ربي نجني من القوم الظالمين} [ القصص :21] فاستجاب الله دعاءه ونجاه من فرعون وجنوده.

خرج موسى من أرض مصر ولم يكن معه طعام يأكله ولا دابة يركبها، وكان يفكر: إلى أين يذهب، ثم قال: {عسى ربي أن يهديني سواء السبيل} [القصص :22]، واختار موسى أن يذهب إلى (مدين) للقرابة التي تجمع بين بني إسـ.ـرائيل وأهل مدين، لأن أهل مدين من أبناء إبراهيم، والإسـ.ـرائيليون من أبناء يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم.

ولما وصل موسى إلى أرض مدين وجد ناساً كثرين على الماء يسقون ماشيتهم ورأى امرأتين تمنعان ماشيتهم عن الحوض وتنتظران حتى يسقي الناس أصحاب القوة، فسأل موسى المرأتين: لماذا تمنعان ماشيتكم عن الشراب من الحوض ؟

أجابت المرأتان: هم أصحاب قوة، ونحن ضعيفات، وأبونا شيخ كبير السن لا يقدر أن يسقي ماشيتنا.

فرق موسى لما قالت المرأتان، وأسرع يسقي ماشيتهما حتى إذا فرغ ومشت المرأتان جلس تحت ظل شجرة، وقال: {رب إني لما أنزلت إليَّ من خير فقير} [القصص :24] عادت المرأتان إلى منزلهما، وسألهما أبوهما: لما رجعتما بسرعة ؟

أخبرت المرأتان أباهما عن الرجل الذي سقى لهما، وأنه كان سبب عودتهما بسرعة، فأرسل إليه واحدة منهما، وقالت له: إن أبي يطلب منك أن تأتي معي إليه ليعطيك أجر ما سقيت لنا.

جاء موسى إلى الشيخ الكبير نبي الله شعيب، فرحب به وأكرمه، وحكى له موسى قصته كاملة، ونقل له أخبار بني إسرائيل في مصر، فقال شعيب:

يا موسى، لا تخف فإن الله قد نجاك من القوم الظالمين. وزوجه شعيب إحدى ابنتيه وهي البنت الصغرى، وجعل مهرها أن يكون موسى أجيرا عنده بعفة فرجه وطعام بطنه لمدة ثماني سنوات أو عشر، فأتم موسى عشر سنوات.

اشتاق موسى إلى رؤية أهله في مصر، فأخذ زوجته وتوجه بها إليها، وكانت الليلة مظلمة شديدة البرد، وتاهوا في الطريق، وبينما هو يبحث عن الطريق الذي يذهب فيه إلى مصر رأى ناراً في الجانب الغربي من جبل الطور بسيناء، فلما اقترب موسى من النار ناداه ربه: { ياموسى إني أنا ربك} وأخبره أن يوم القيامة آت لا شك فيه، وأن الله سيحاسب فيه الناس على ما عملوه من خير وشر، وأمره أني يلقي عصاه على الأرض، فلما ألقاها تحولت العصا إلى ثعبان يهتز، فخاف موسى وهرب ولم يرجع إلى العصا، فناداه ربه: { ياموسى أقبل ولا تخف إنك من الآمنين}.

ثم أمره أن يدخل يده في جيب قميصه فأدخلها فيه، ولما أخرج يده وجدها بيضاء، ثم أخبره أن العصا التي تحولت إلى حية واليد التي خرجت بيضاء حجتان قويتان إليه إلى فرعون وجنده.

ثم أمره أن يذهب إلى فرعون وقومه ويدعوهم إلى عبادة الله، وأراهم موسى الآيات التي تدل على أنه رسول من رب العالمين، ولكنهم كذبوه واتهموه بالسحر، ولم ييأس موسى من دعوة فرعون ومن معه إلى عبادة الله، ولكن فرعون استكبر في الأرض ورفض الإيمان بموسى، وقال له: { لئن اتخذت إلٰهاً غيري لأجعلنك من المسجونين}، وحرض الأمراء والكبراء فرعون على أذى موسى وقتله بدل أن يصدقوه ويؤمنوا بما جاء به.

فلما عرف بنو إسـ.ـرائيل ذلك فكروا في الهروب من مصر، وذهبوا إلى فرعون وطلبوا منه أن يأذن لهم في الذهاب إلى عيد لهم فأذن لهم وهو غير راض ... وخرج بنوا إسـ.ـرائيل في الليل وتوجهوا إلى بلاد الشام، فلما علم فرعون اشتد غضبه وجمع جيشا كبيراً وأسرع السير كي يلحق ببني إسـ.ـرائيل، ولما رأوا فرعون وجيشه قالوا لموسى وهم خائفون خوفاً شديداً :{ إنا لمدركون} [الشعراء :61].

فقال لهم موسى :{ كلا إن معي ربي سيهدين} [الشعراء :62].

ولما اقترب فرعون وجيشه من موسى ومن معه أوحى الله إليه أن يضرب البحر بالعصا التي معه، فلما ضربه انشق البحر، وأمر الله موسى أن يمشي فيه هو ومن معه، فلما ذهبوا إلى الشاطئ الآخر من البحر أسرع فرعون وجيشه ومشوا في الطريق الذي مشى فيه موسى ومن معه، وعندئد عاد البحر إلى حالته الأولى وأغرق الله فرعون وجنوده، ونجَّي الله موسى ومن معه. 

ــــــــــــــــــــــ

(المصدر: الشامل. /  عدد كلمات المقال: 1141 / حجم الصورة: 46.7 كيلوبايت ).

قصة نبي الله موسى بن عمران عليه السلام
قصة نبي الله موسى بن عمران عليه السلام




تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -