الفصل والوصل
تقديم:
يعد الفصل والوصل من أبواب علم المعاني الغامضة حتى قيل لبعضهم ما البلاغة فقال معرفة الفصل والوصل, ولقد نبه عبد القاهر الجرجاني بمكانتهما وقيمتهما العلمية في اللغة العربية .
الفصلُ تركُ عطفِ جملةٍ أتتْ من بعد أخرى عكس وصلٍ قد ثبَتْ
وصِلْ لدى التّشريكِ في الإعراب وقصــــد رفعِ اللبـسِ في الجـــواب
وفي اتفاقٍ مــــع الاتّصــــــــــالِ في عقـــلٍ أو في وهمٍ أو خــــيـالِ
و الوصلُ مع تناسبٍ في اسمٍ وفي فعــلٍ وفَقْدِ مانــعٍ قدْ اصْـــطُفــي
إن استنباط معاني هذه الأبيات يفضي إلى بعدين أساسيين الأول متعلق بمعاني الفصل و الوصل، و الثاني بموجبات الفصل و الوصل.
أولا: تعريف الوصل و الفصل :
الفصل لغة: القطع.
وفي الاصطلاح: ترك عطف جملة على أخرى نحو قوله تعالى:
" ذلك الكتاب لاريب فيه".
الوصل لغة: الجمع.
وفي الاصطلاح: عطف بعض الجمل على بعض نحو قوله تعالى: " إن الأبرار لفي نعيم و إن الفجار لفي جحيم".
ثانيا : موجبات الوصل:
أن يكون للأولى محل من الإعراب؛ كأن تكون خبرا ويقصد تشريك الثانية لها في حكم ذلك الإعراب نحو: محمد يقرأ و يؤلف.
ومنها القصد لرفع إيهام خلاف المراد من الجواب، كما إذا قيل لك: هل رجع أخوك من السفر؟ وقلت: لا وأردت أن تدعو للسائل فلابد من الوصل فتقول: لا ورعاك الله؛ إذ لو فصلت لا توهم أنه دعاء على المخاطب بعدم الرعاية.
ومنها أن تتفق الجملتان في الخبرية و الإنشائية مع الاتصال؛ أي الجامع بينهما من عقل أو وهم أو خيال نحو قوله تعالى:
" إن الأبرار لفي نعيم و إن الفجار لفي جحيم"، و الجامع بينهما التضاد نحو قوله: " كلوا وشربوا ولا تسرفوا".
ثالثا: محسنات الوصل:تناسب الجملتين في الاسمية نحو:
أعز مكان في الدنا سرج سابح وخير جليس في الأنام كتابتناسب الجملتين في الفعلية نحو:
سافر تجد عوضا عمن تفارقه وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
وتناسب الفعليتين في المضي و المضارعة نحو محمد قائم و خالد قاعد و محمد قام و خالد قعد لا قاعد، أو يقوم في الأول و يقعد في الثاني ما لم يمنع من تلك المناسبة مانع فيجب تركها و يكون الوصل على الحالة التي اقتضاها الحال كما إذا أريد في إحداهما التجدد و في الأخرى الثبوت نحو قام محمد و خالد قاعد.
اكتب تعليقك هنا