أخر الاخبار

ماهو اللفظ المحكم؟ وما حكمه؟

 


1. تعريف اللفظ المحكم :

في اللغة :

ورد في معجم لسان العرب لابن منظور مادة ( ح ك م) " المحكم الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب فعيل بمعنى مفعل أحكم فهو محكم، وفي حديث ابن عباس قرأت المحكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد  المفصل من القرآن لأنه ينسخ منه شيء وقيل هو ما لم يكن متشابها لأنه أحكم بيانه بنفسه ولم يفتقر إلى غيره، والعرب تقول حَكَمْتُ وأَحْكَمْتُ وحَكَّمت  بمعنى منعت ورددت " 

وقد عرفه مناع الخليل القطان في كتابه" مباحث في علوم القرآن " بأنه" مأخوذ من حكمت الدابة وأحكمت : بمعنى منعت، والحكم : هو الفصل بين الشيئين، فالحاكم يمنع الظالم ويفصل بين الخصمين ويميز بين الحق والباطل والصدق والكذب ويقال : حكمت السفيه وأحكمته : إذا أخذت على يده، وحكمت الدابة وأحكمتها : إذا جعلت لها حكمة : وهي ما أحاظ بالحنك من اللجام لأنها تمنع الفرس عن الاضطراب ومنه الحكمة :لأنها تمنع صاحبها عن ما لا يليق وإحكام الشيء إتقانه، والمحكم المتقن " 

ولقد جاء في كتاب" النهاية " لابن الأثير من حديث ابن عباس" قرأت المحكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد المفصل من القرآن، لأنه لم ينسخ منه شيء " 

ومنه فلفظ المحكم لا يخرج عن معاني المنع والرد، والفصل بين الشيئين فكلما ورد إنما يرد حاملا معنى من هذه المعاني.

في الاصطلاح :

إذا أردنا التطرق لمصطلح " المحكم " لابد للحديث عنه باعتباره" هو اللفظ الذي دل بصيغته على معناه دلالة واضحة قطعية فهو مقصود أصالة، وسيق الكلام لأجله ولا يحتمل تأويلا وإن كان خاصا، ولا يحتمل تخصيصا إن كان عاما، ولا يحتمل نسخا، فهو في غاية الوضوح في إفادة المعنى"  

يفهم من كلام محمد أديب صالح أن اللفظ المحكم هو اللفظ القطعي الدلالة والذي لا يحتاج تأويلا ولا توضيحا فمعناه واضح ظاهر بين، فلو كان الخطاب خاصا بفئة معينة فلا يمكن تعميمه وتأويله، من قبيل الآيات التي اختص فيها الرسول صلى الله عليه وسلم دون غيره، ومن ذلك قوله تعالى " يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا (28) وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما" سورة الأحزاب الآية 28 – 29. 

وإن الخطاب عاما لا يمكن تخصيصه مثلا كالخطاب الموجه لكافة الناس مثل قوله تعالى" يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة "سورة النساء الآية 1. 

ومما ذكرنا مسبقا فإن الإحكام يكون في حالتين، كما أشار لذلك الدكتور أديب صالح، في كتابه "تفسير النصوص في الفقه الإسلامي. 

أولهما :

أ : أن يكون الحكم الذي دل عليه اللفظ، حكما أساسيا من قواعد الدين، كالإيمان بالله تعالى ووحدانيته، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والإخبار بما كان أو يكون.

ب : أن يكون ذلك الحكم من أمهات الفاضل، وقواعد الأخلاق التي يقرها العقل السليم، والتي لا تختلف باختلاف الأحوال كالعدل، وبر الوالدين، وصلة الرحم، والوفاء بالعهد. 

الثانية : 

أن يكون ذلك المدلول حكما جزئيا، ولكن وقع التصريح بتأبيده ودوامه، فمثاله قوله عز وجل في قذف المحصنات وعدم قبول شهادتهم، " ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا" سورة النور الآية 4. 

فهذا الحكم هو حكم أبدي بعدم قبول الشهادة أي أنه جارٍ منذ أن نزل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى قيام الساعة ومنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم في الجهاد " الجهاد ماضٍ مذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال "  

2. حكمه :

يتجلى حكم اللفظ المحكم، أنه وجب العمل به قطعا، فلا يحتمل صرفه عن ظاهره إلى أي معنى آخر، فكما ذكرناه أن معناه قطعي الدلالة، وهذا ما أشار إليه الدكتور أديب صالح، حيث أن حكم هذا اللفظ يكون أقوى من جميع الأنواع السابقة مثلا كالمفسر، والنص والظاهر وغيره، فالمراد من ورود الألفاظ المحكمة في القرآن الكريم، إنما لبيان هذا الحكم وإظهاره.



تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -