أخر الاخبار

ما هي الفصاحة ؟ وما شروطها ؟

ما المقصود بالفصاحة ؟ وما شروطها ؟ 

الفصاحة : الظهور، والبيان، تقول : أفصح الصبح إذا ظهر، والكلام الفصيح ما كان واضح المعنى، سهل اللفظ، جيد السبك. ولهذا وجب أن تكون كل كلمة فيه جارية على القياس الصرفي، بينة في معناها، مفهومة عذبة سلسة. 

وإنما تكون الكلمة كذلك إذا كانت مألوفة الاستعمال بين النابهين من الكتاب والشعراء، لأنها لم تتداولها ألسنتهم، ولم تجر بها أقلامهم، إلا لمكانها من الحسن باستكمالها جميع ما تقدم من نعوت الجودة وصفات الجمال. 

والذوق السليم هو العمدة في معرفة الكلمات وسلاستها، وتمييز ما فيها من وجوه البشاعة ومظاهر الاستكراه، لأن الألفاظ أصوات، فالذي يطرب لصوت البلبل، وينفر من أصوات البوم والغربان، ينبو سمعه عن الكلمة إذا كانت غريبة متنافرة الحروف. ألا ترى أن كلمتي (( المزنة)) و((الديمة)) للسحابة الممطرة، كلتاهما سهلة عذبة يسكن إليها السمع، بخلاف كلمة (( البعاق)) التي في معناهما، فإنها قبيحة تصك الآذان. وأمثال ذلك كثير في مفردات اللغة تستطيع أن تدركه بذوقك. 

1) ويشترط في فصاحة التركيب جريان كلماته على القياس الصحيح وسهولتها أن يسلم من ضعف التأليف، وهو خروج الكلام عن قواعد اللغة المطردة كرجوع الضمير على متأخر لفظا ورتبة في قول سيدنا حسان رضي الله عنه :

ولو أن مجدا أخلد الدهر واحدا       من الناس أبقى مجده الدهر مطعما 

فإن الضمير في (( مجده)) راجع إلى ((مطعما)) وهو متأخر في اللفظ. 

كما ترى، وفي الرتبة لأنه مفعول به، فالبيت غير فصيح. 

2) ويشترط أن يسلم التركيب من تنافر الكلمات، فلا يكون اتصال بعضها ببعض مما يسبب ثقلها على السمع، وصعوبة أدائها باللسان، كقول الشاعر : 

وقبر حرب بمكان قفر         وليس قرب قبر حرب قبر     

قيل إن هذا البيت لا يتهيأ لأحد أن ينشده ثلاث مرات متواليات دون أن يتعتع، لأن اجتماع كلماته وقرب مخارج حروفها، يحدثان ثقلا ظاهرا، مع أن كل كلمة منه لو أخذت وحدها كانت غير مستكرهة ولا ثقيلة. 

3) ويجب أن يسلم التركيب من التعقيد اللفظي، وهو أن يكون الكلام خفي الدلالة على المعنى المراد بسبب تأخير الكلمات أو تقديمها عن مواطنها أو بالفصل بين الكلمات التي يجب أن تتجاوز ويتصل بعضها ببعض، فإذا قلت : (( ما قرأ إلا واحدا محمدا مع كتابا أخيه)). 

كان هذا الكلام غير فصيح لضعف تأليفه، إذ أصله، (( ما قرأ محمد مع أخيه إلا كتابا واحدا)) فقدمت الصفة على الموصوف، وفصل بين المتلازمين، وهما أداة الاستثناء والمستثنى، والمضاف والمضاف إليه. ويشبه ذلك قول أبي الطيب المتنبي : 

أنى يكون أبا البرية آدم     وأبوك والثقلان أنت محمد؟ 

والوضع الصحيح أن يقول : كيف يكون آدم أبا البرية، وأبوك محمد، وأنت الثقلان؟ 

يعني أنه قد جمع ما في الخليقة من الفضل والكمال، فقد فصل بين المبتدأ والخبر وهما (( أبوك محمد)) وقدم الخبر على المبتدأ تقديما قد يدعو إلى اللبس في قوله (( والثقلان أنت))، على أنه بعد التعسف لم يسلم كلامه من سخف وهذر. 

ما هي الفصاحة ؟ وما شروطها ؟

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -