أخر الاخبار

من أسرار العربية

إن من مميزات وعجائب لغتنا العربية، لغة القرآن الكريم، الإيجاز والإعجاز، ودقة التعبير، فهذا الأخير من الخصائص الناذرة في اللغات الأخرى، بحيث إن الإمام الثعالبي في كتابه "فقه اللغة وأسرار العربية" بين هذه الدقة وجلاها للعيان، فأورد بابا سماه "في الأشياء تختلف أسماؤها وأوصافها باختلاف أحوالها" أي أن بعض الأشياء لا تطلق عليها بعض المسميات إلا إذا كانت في حالة من الأحوال من قببل الكأس، فالكأس لا يطلق على الزجاجة إلا إذا كان فيها شراب، ولا يقال مائدة إلا إذا كان عليها طعام، وإلا فهي خُوانٌ، ولا يقال كُوزٌ إلا إذا كانت له عُرْوة. وإلا فهو كوب، ولا يقال :قلم إلا إذا كان مبريا، وإلا فهو أنبوبة، ولا يقال :خاتم إلا إذا كان فيه فصٌّ، وإلا فهو فتخة، ولا يقال :فرو إلا إذا كان عليه صوف، وإلا فهو جلدٌ، ولا يقال :ريطة إلا إذا لم تكن لفقين، وإلا فهي ملاءة، ولا يقال :أريكة إلا إذا كان عليها حجلة، وإلا فهو سرير، ولا يقال : لطيمة إلا إذا كان فيها طيب، وإلا فهي عير، ولا يقال :رمح إلا إذا كان عليه سنان، وإلا فهو قناة كما أنه لا يقال :نفق إلا إذا كان له منفذ، وإلا فهو سرَبٌ، ولا يقال :عِهْنٌ إلا إذا كان مصبوغاً، وإلا فهو صوف، ولا يقال :لحم قديد إلا إذا كان معالجا بتوابل، وإلا فهو طبيخ، ولا يقال :خذر إلا إذا كان مشتملاً على جارية مخدَّرة، وإلا فهو :ستر، ولا يقال :مِغْوَلٌ إلا إذا كان في جوف سوطٍ وإلا فهو مِشمل. ولا يقال : ركية إلا إذا كان فيها ماء قلَّ أو كثر، وإلاَّ فهي بئر. ولا يقال :مِحْجَنٌ إلا إذا كان في طرفِه عقَّاقة، وإلا فهو عصا. ولا يقال : وقود إلا إذا اتقدت فيه النار، وإلا فهو حطب. ولا يقال : سَيَاعٌ إلا إذا كان فيه تبن، وإلا فهو طين، ولا يقال :عويل إلا إذا كان معه أرفع صوت، وإلا فهو بكاء، ولا يقال :موْرٌ للغُبار إلا إذا كان بالريح، وإلا فهو رَهَجٌ. لا يقال :ثرى إلا إذا كان نديا، وإلا فهو تراب. لا يقال :مأزق ومأقط إلا في الحرب، وإلا فهو مضيق، لا يقال :مُغَلْغَلةٌ إلا إذا كانت مُهَيأة للزراعة وإلا فهي براح. لا يقال للعبد :آبق إلا إذا كان ذهابُه من غير خوفٍ ولا كدّ عمل وإلا فهو هارب. لا يقال لماء الفم :رضاب، إلا مادام في الفم فإذا فارقه فهو بزاق. لا يقال للشجاع :كَميّ إلا إذا كان شاكي السِّلاح، وإلا فهو بطل. كما أنه لا يقال للطبق :مهدى إلا مادامت عليه الهدية، ولا يقال للبعير :رواية إلا ما دام عليه ماء، ولا يقال للمرأة :ظعينة إلا ما دامت راكبة في الهودج ولا يقال للسرجين :فرث إلا مادام في الكرش. ولا يقال للدلو :سجل إلا مادام فيها ماء، قل أو كثر.ولا يقال لها :ذنوب إلا إذا كانت ملأى. ولا يقال للسرير : نعش إلا ما دام عليه ميت. ولا يقال للعظم :عرق إلا مادام عليه لحم. ولا يقال للخيط :سمط إلا مادام فيه الخرز. لا يقال للثوب :حلة :إلا إذا كان ثوبين اثنين من جنس واحد. لا يقال للحبل :قرن، إلا أن يقرن فيه بعيران. ولا يقال للقوم :رفقة، إلا ما داموا منضمين في مجلس واحد، أو في مسير واحد، فإذا تفرقوا ذهب عنهم اسم الرفقة، ولم يذهب عنهم اسم الرفيق، ولا يقال للبطيخ :حدج إلا مادامت صغارا خضرا. ولا يقال للذهب :تبرا إلا مادام غير مصوغ. ولا يقال للحجارة :رضف إلا إذا كانت محماة بالشمس أو النار. ولا يقال للشمس :الغزالة إلا عند ارتفاع النهار، ولا يقال :للثوب :مطرف إلا إذا كان في طرفيه علمان. ولا يقال للمجلس :النادي إلا إذا كان فيه أهله. ولا يقال للريح :بليل إلا إذا كانت باردة، ومعها ندىً، ولا يقال للمرأة :عاتق إلا مادامت في بيت أبويها.
تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -