أخر الاخبار

وفاة صديق الطفولة محسن بطلي

 محسن بطلي لقد كنت محسنا يا صديقي اسما على مسمى ..

(( أذكر صديقي محسن أيام الطفولة .. كان عمره حينها ثمان أو عشر سنوات كنا نلتقي أحيانا في الحي وغالبا في منزل والده الذي كان يعمل مدرسا لمادة الرياضيات فنأخذ عنه درس الرياضيات .. وكان والده يردد عبارة سقراط  عندما يحدثنا عن البراهين الهندسية " كل إنسان فان وسقراط إنسان إذن سقراط إنسان فان " هذا ما أذكره جيدا .. لكن محسن لم يكن مثل باقي أصدقائي .. لم أكن لألتقيه إلا في النادر .. وربما لم أتعرف عليه إلا بعد أن درست الرياضيات في منزل والده .. كان فتى ظريفا يبادرك بالتحية .. ويسبقك إلى الحديث قبل أن تسبقه .. كان إذا أبصرني من بعيد ناداني وحياني بوجه مشرق بشوش تزينه ابتسامة جميلة .. وكان كلما نادى علي باسمي أسر فأرد عليه التحية تماما مثلما يلتقي الصديقان الوفيان .. لكنني لم أتشرف بصحبته كثيرا في الطفولة ..

   لم تطل مرافقتي لمحسن كثيرا في الطفولة .. فشغلتني عنه شواغل .. وأذكر بأن آخر مرة رأيته فيها كان عمري حينها اثنا عشر سنة أو ما يقارب ذلك .. وبالتحديد أيام الإعدادي عندما كنت أدرس في منزل والده درس الرياضيات .. أظنها السنة الأولى بالإعدادي .. لكن أشد ما أحزنني أنني لم أره بعدها حتى نمى إلى سمعي نبأ وفاته ..  فحزنت لذلك حزنا شديدا .. فأظلمت الدنيا في عيني. 

    والأمر الغريب المحزن هو أنني ذكرته قبل نصف شهر (في رجب 1443) وأنا بسجلماسة أعمل بالتدريس في سن الثلاثين .. فاشتقت للقائه .. فعزمت على البحث عنه والسؤال عن حاله فور عودتي إلى مسقط رأسي .. فلما رجعت من سجلماسة إلى منزلي سألت أحد أصدقائي فأخبرني بأنه قد مات منذ أسبوع .. فذهلت ولم أدر بماذا أرد ..

   إنه لأمر محزن أن يطول الفراق بين صديقين كل هذه المدة .. ما يقارب ثمانية عشر سنة ثم لما عزمت على اللقاء به أخبرُ بأنه قد مات ..

   أذكر المنزل الذي كان يسكنه صديقي محسن ثم لما سألت قيل لي بأن أهله قد انتقلوا للسكن في منزل آخر .. فبحثت عنه فوجدته .. والتقيت أخيرا بوالده المسكين منذ فراق دام نحو ثمانية عشر سنة تقريبا .. فعزيته وتحادثنا ثم انصرفت محزونا.

   أخبرني صديق لي بأن طباعه الحسنة لم تتبدل وبقي على تلك الحال حتى الثلاثين .. لقد كان محسن فتى ظريفا كريما .. توفي في سن الثلاثين .. ولم أعرف سبب وفاته الحقيقي .. ووالله إني لحزين لفقده .. خاصة وأن ذكراه لم تفارق عيني .. إذ لا أذكره إلا تذكرت خصالا طيبة وآدابا رفيعة .. رحم  الله صديقي محسنا .. وأسأل الله أن يجمعنا وإياه في دار الكر امة .. وأن يغفر لي وله، وأن يروِّي ثراهُ بشآبيب رضوانه .. ولا حول ولا قوة إلا بالله وإنا لله وإنا إليه راجعون )).

كتبه: صابر العلوي الواحدي.

ــــــــــــــــــــــــــ 

78 كيلوبايت.

وفاة صديق الطفولة محسن بطلي


 

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -