من حفر حفرة لأخيه وقع فيها
أحبتي محبي اللغة العربية وقِصصها الرائعة والمتميزة ، اليوم أطلُّ عليكم بقصة وموعظة وعبرة مهمة ولها أثرها في ميدان الحياة الواقعية في زماننا ، تقول القصة :
كان لأحد الملوك نديم يقال له ( صالح ) ، وقد كان صالح يقوم إلى جانبه ويزوده بنصائحه ، ويشير عليه بآرائه السديدة التي كثيرًا ماخالف الملك فيها من سواه من بطانة الملك وحاشيته .
أراد بعض الوشاة من الحاشية أن يكيد لصالح عند الملك ويتخلص منه ! ؟ ولما خلا ديوان الملك من الناس قال له: ( يامولاي إن صالحاً هذا لا يستحق ثقتك به وهو ليس أهلا لها لأنه إذا خرج من عندك أخبر الناس عنك بما لايليق بقدرك ) ، قال الملك ومالذي أخبرهم به؟ ! قال : بالأمس قال لهم : ألا تعلمون سبب عدم اقترابي من الملك كثيراً ؟ قالوا : لا قال : إنّ الملكَ أبخرٌ ( أي رائحة فمه كريهة ) ، وأنا ابتعد عنه حتى لا أوذى ببخره ، وحتى تتأكد من صحة قولي ادعه في الغداء أن يدنو منك وسترى أنه سيغطي أنفه بيده حتى لايشم مايكره .
ثم إن هذا الواشي دعا الرجل الصالح صالحا إلى منزله وأعد له طعاماً وأكثر له من الثوم ، وفي الصباح حضر إلى الديوان ووقف بعيداً عن الملك حتى لا يشم رائحة الثوم ، ولما دعاه الملك للاقتراب منه وضع يده على فمه وأنفه ، فبدا للملك صدق قول الواشي ، ومن عادة الملك إذا أراد مكافأة أحد أن يكتب له ورقة بمقدار العطية
فيذهب إلى الخازن فيتسلمها ، غير أن الملك في هذه المرة كتب كلاماً غير معتاد .
كتب للخازن أن يتخلص من حامل هذه الورقة ، لكنَّ صالحاً صاحب القلب الطيب
الحسن النية أخذ الورقة و ذهب ، وقبل بلوغ الخازن اعترضه ذلك الواشي الجشع النفس ، وسأله عمّا بيده فأعلمه أن الملك أنعم عليه .
فدفع الطمع بالواشي أن يأخذ من صالح هذه الورقة فأعطاها له صالح وذهب ! ولما وصل الواشي الخازن وقرأ مضمون الورقة قال له : الملك يأمرني بقتلك قال : لا تفعل حتى تراجع الملك لأن في الأمر خطأ ما! ؟
قال له: ليس من شأني هذا أنا هنا لأنفذ ما يمليه عليه الملك : فقتله ! ولما عاد صالح الرجل الطيب الصالح سرّ الملك ودهش بعودته كثيراً ، وسأله عما صنع بورقته فأخبره بما جرى معه ، فقال له الملك : ( أخبرني مالذي دعاك إلى وضع يدك على فمك وأنفك حين دعوتك للاقتراب مني ، قال: دعاني فلان بالأمس إلى طعام وأكثر فيه من الثوم ، ولما مثلتُ بين يديك خشيتُ أن تؤذيك رائحة الثوم مني ، فجعلت يدي كما رأيت ، فسّرَّ الملك بكلامه وأخبره أن الواشي لقي جزاءه وكان عاقبه أمره الخسران المبين
ثم أمر لصالح بجائزة مالية كبيرة لقاء إخلاصه وتفانيه في صدقه مع الملك ، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله .
الخلاصة أحبتي محبي العربية أن من حفر حفرة لأخيه وقع فيها .
كتبها محب اللغة العربية : أ. عبدالرحمن حمد / الحسكة / سوريا .
اكتب تعليقك هنا