زعَــمَ بَـعْـضُـهُـمْ أنّ أخْـلاقَ الإنـسانِ فِـطـرِيَّـة فـقـط ، ولـوْ كان هذا صَحِـيحاً لـما كان لِلـوصايا وللـتّـرْبِـيَـةِ مَـعْـنىً . وقـدْ جَعَـل الـلهُ للإنـسـانِ سَـوْأتـيْـنِ ( أي عَـوْرتـيْـنِ ) عَــوْرةُ الـجِــسْـمِ وسِـتْـرُهـا الـلـبـاسُ ، وعَـوْرةُ الـنّـفْــسِ وسِـتْــرُهــا الخُـلــقُ الحَـسَــنُ . ومِـن طـرُقِ اكْـتِـسـاب الأخْـلاقِ الحَـمِـيـدةِ : الـحـيـاةُ في بِـيـئـةٍ صالحةٍ ، وضَـغْـط الـمُـجْـتـمَـعِ ، وسُـلـطانُ الـدَّوْلـةِ ، واتّـخـاذ أخ صالحٍ ناصحٍ . وإنّ مُجاهـدَة الـنّـفْـسِ ومُـراقـبَـتِهـا وتـجاهُـلـهـا ( أيْ تـجاهُـلُ دعْـوَتها للـمعْـصِـيَـةِ ) أمْـرٌ لابُـدّ مِـنْـهُ كيْ يَـتحَـلى الإنـسـانُ بالأخْـلاقِ الـفـاضِـلـةِ . ويَـنْـبَـغِـي تـصَـيُّـدُ الـمُــنـاسَـبـاتِ للـتّـوْجِـيـهِ الـتّـرْبَـوِيِّ . وإذا قــرأ الـمَـرْءُ سِـيـرَة كــريـمٍ تـنَـبَّـه إلى أهَـمِّـيَـةِ الـكـرَمِ • مِـمَّـا اسْـتـقــرَّ فـي فِـطـرةِ الإنـسـانِ : الـرّغْــبَـة فـي أنْ يَـكـون هُـوَ أفْـضلَ الـنّـاسِ ، وأنْ يَـكُـون مَحْـبُـوبـاً عِــنْـدَهُــمْ ، وأنْ يَـظـهَــرَ لـهُـمْ بِـمَـظـهَــرٍ حَــسَــنٍ ، وأن يَــكُـون سَـعِـيـداً .. كـما جُـبِـل أيـضا عـلـى خُـلـقِ مُـجـاراةِ الآخَـريــن ( مُـسايـرَتِـهـمْ ؛ تـقْـلِـيـدِهِـمْ ) ، والـتّـمَــيُّــزِ عَــلــيْــهِــمْ بِـجَـمالِ الـصّـورةِ والـهَــيْـئـةِ ومُـوازنـةِ نـفْــسِـهِ وأحْـوالِـهِ بِـغَــيْـرهِ مِـن الـنّاسِ وأحْـوالِـهِـمْ ، وعـلى حُـبِّ الـتّـمَـلّـكِ والـمـالِ . لـكِـنَّ الـنّـاسَ قـدْ يَـسْـلـكُـون مَـسالِـك مُـخْـتـلِـفـة لِـتحْـقِـيـقِ هـذهِ الـغـايـاتِ ؛ فَـمِـنْهُـمْ مَـن ظـنّ أنـهُ بِالـمالِ أو بِـالـجـاهِ سَـيَـسْـعَـدُ .. والـغِـنـى لـيْـسَ بِـكـثـرةِ أشْـيـاءِ الإنـسانِ ولـكِـن بِـغِـنـى نـفْـسِـهِ . إنّ نـظـرَك إلى مَـن هُـوَ أسْـفـلُ مِـنْـك فِـي الـمالِ أوِ الخُـلـقِ يُـورِثـك رُؤْيَة نِـعَـمِ الـلـهِ عَـلـيْـك ، ويَـدْعـوك إلى شُـكْـرِهِ . وأولى مَن يَـجِـبُ أن تـتـأدبَ مَـعَـهُ ؛ رَبُّــك الـذي خَـلـقـك.
عدد صفحات الكتاب هو : 280 صفحة.
تلخيص كتاب : الأخلاق الفاضلة |
اكتب تعليقك هنا