قد يعرضُ عند سماع الموا عظ للسـ ـامع يقظة ، فإذا انفصل عن مجلس الذكر عادت القسوة والغفلة ! .. فتدبرت السبب في ذلك فعرفته . ثم رأيت الـ ـناس يتفاوتون في ذلك :
فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفته من اليقـ ـظة عند سماع الموعظة وبعدها لسببين :
• أحدهما : أن المواعظ كالـ ـسيـ ـاط ، والسيا ط لا تُـ ـؤلم بعد انقضاء إيلامها ..
• والثاني : أن حالة سمـ ـاع المواعظ يكون الإنسان فيها .. قد تخلّى بجسمه وفكره عن أسباب الدنيا ، وأنصت بحضـ ـور قلبه ، فإذا عاد إلى الشـ ـواغل اجتذبته بآفاتها فكيف يصح أن يكون كما كان ؟!
إلا أن أرباب اليقـ ـظة يتفاوتون في بقاء الأثـ ـر : - فمنهم من يعزم بلا تردد ، ويمضي من غير التفات فلو توقف بهم ركـ ـب الطبع لضجـ ـوا كما قال حنظلة عن نفسه : نافق حنظلة. - ومنهم أقـ ـوام يميل بهم الطبع إلى الغفـ ـلة أحيانًا ، ويدعوهم ما تقدم من المواعظ إلى العمل أحيانًا، فهم كالسنبلة تُميلها الرياح. - وأقوام لا يؤثـ ـر فيهم إلا بمقدار سماعه كماء دحرجته على صفـ ـوان.
📖 ابن الجوزي .
اكتب تعليقك هنا