" إني أُخبرك عن صاحبٍ لي كان من أعظم الناس في عيني ، وكان من عظمته في عيني صِغر الدنيا في عينه ، وكان خارجًا من سلطان بطنه لا يشتهي ما لا يجد ولا يكثر ما يجد ، وكان خارجًا من سلطان فـ ـرجه فلا يدعوه إلى موته ولا يُسخف له رأيًا ، وكان خارجًا من سلطان الجهالة فلا يُقدم أبدًا إلا على ثقةٍ بمنفعة ، وكان أكثر دهره صامتًا ، فإذا قال عند القائلين كان متضاعفًا مستضعفًا ، وإذا جد الجد فالليث عاديًا ، وكان لا يدخل في دعوى ولا يشارك في مراء ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضياً منصفًا وشهودًا عدولاً ، وكان لا يلوم أحدًا على ما قد يكون العذر في مثله موجودًا حتى يعلم ما اعتذاره ، وكان لا يشكو وجعًا إلا لمن يرجو عنده البرء ، ولا يصاحب صاحباً إلا من يرجو عنده النصيحة لهما جميعًا ، وكان لا يتبرّم ولا يتسخّط ولا يشتهي ولا يشتكي ، ولا ينتقم من الولي ، ولا يغفل عن العدو ، ولا يخصّ نفسه دون إخوانه بشيء من اهتمامه وحيلته وقوته .
فعليك بهذه الأخلاق إن استطعت وما أظنك تطيق ذلك ، ولكن أخذ القليل من الكثير خير ٌمن ترك الجميع .
وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالـ ـله العلي العظيم " .
بهذا ختم ابن يونس الصقلي (ت 451 هـ ) كتابه " الجامع لمسائل المدونة " (24/ 300-301) .
* * *
الوجادات 📜 |
خاتمة كتاب " الجامع لمسائل المدونة " لابن يونس الصقلي ( ت 451 هـ )
اكتب تعليقك هنا